
لقد خلقت الاباحية في أيامنا هذه وباء لم يسبق له مثيل” المتمثل في الإيذاء الجسدي.
“يتعرض كل من الشباب والأطفال لمحتوى إباحي عنيف ومهين، والذي يكون تلقائيا بمثابة تثقيف جنسي بالنسبة لهم. بمجرد أن تتواجد قضية اجتماعية أو صحية تتضمن مشكلات تؤثر على الأفراد أو الجماعات والتي تفوق قدرتهم على إدراكها تنتقل المسؤولية من المساءلة الفردية إلى العوامل والتأثيرات التي تسببت في وقوعها. رغم أن تثقيف الآباء لتوجيه وحماية أطفالهم هو دائما ما يكون جزء من أي خطة وقائية، فإن المشكلة تفوق بكثير ما يستطيع أن يفعله الآباء والأبناء لحماية أنفسهم.
تغلبت العلوم والأبحاث على المشكلة الخاصة بالمال، وتوضح الآن الضرر العظيم الذي تسببه الاباحية. يواجه القانون والمعتقلات نتائج الإتجار الجنسي والاعتداء الجنسي على الأطفال. يتعرض الاطفال لخطر جسيم كما توضح الأبحاث، يؤثر هذا التعرض على نمو عقولهم و كذلك يشكل الاساس الجنسي لديهم. كلما تعرض الشباب و بتواتر أكبر الأطفال لمثل هذا المحتوى كلما ازداد الأمر صعوبة. إن المراهقين هم أكثر عرضة للإدمان من الكبار لأن الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين في منطقة النواة – وهي منطقة بالدماغ ترتبط بالمكافأ ة- (على سبيل المثال، مركز المتعة في الدماغ) هي أكثر نشاطا بكثير وتمتلك مرونة غير عادية في الاستجابة للحافز الإدماني. و من ثم يمكننا القول أن النزعة إلي الإدمان تكون أكثر “تأصلاً” بكثير في عقول المراهقين. مشاهدة المراهقين للإباحية على الانترنت ينتج عنه سلوكيات جنسية خطيرة التي يمكن أن يكون لها آثر ضارة بشدة مثل ممارسة الجنس الخلفي، والعلاقات الجنسية مع شركاء متعددين، و إستخدام أدوات أثناء الممارسة. مثل هذه النتائج ليست مفاجئة في ضوء البحوث عن كيفية تطور الدماغ البشري، التي توضح أن المراهقين لا يستطيعون الوصول للفص الجبهي لأدمغتهم بسهولة – وهو جزء من الدماغ يتحكم بالرغبات، ويتيح الاستجابة السريعة، واتخاذ القرارات الذكية.
مثل قضايا الصحة العامة الأخرى، ليس كل ما يُعرض لديه نفس الإستجابة. على الرغم من ذلك، بالنسبة للكثير، فإن تكرار التعرض و الاستخدام يرتبط إرتباطا وثيقا بمشكلة السلوكيات الجنسية فى الحياة الخاصة – يسبب ضعف جنسي لدى الرجال، ويمكن أن يتسبب في الطلاق و فشل العلاقات، و أحيانا أيضا يكون سبب السلوك الجنسي العدواني والعنيف. توضح البحوث ارتباط ذلك أيضا بالعنف ضد المرأة، وزيادة معدلات الأمراض المنقولة جنسيا، وارتفاع معدلات الضعف الجنسي بين الشباب.
أثبتت النُهج المتبعة في مجال الصحة العامة فعاليتها إزاء مشكلات أخرى خطيرة بدايةً من التدخين وحتى التسمم بالرصاص و فيروس الإيدز. النَهج المُتبع بالصحة العامة يحتاج الآن إلى أن يُخاطِب الإباحية. هناك كم هائل من الأبحاث في مجالات متعددة تدعم هذه الادعاءات، والأدلة المتناقلة في تزايد؛ ولكن قلّة من يدركون الحقيقة التي نواجهها أو حتى لديهم الشجاعة ليواجهوا. ثمة حاجة إلى الإستثمار و الدور القيادي في إتباع نهج متعدد الجوانب و الإختصاصات لنكون أكثر فعالية تجاه صناعة ممولة بشكل جيد، وذلك لمنع و مكافحة الأضرار.
يعمل المركز الوطني المعني بالاستغلال الجنسي بالتعاون مع كبار الخبراء في جميع التخصصات لكشف أزمة الصحة العامة الخاصة بالإباحية. نحن نعمل من أجل الحصول على مساعدة الحكومة، والمؤسسات، وقادة الرأي لنبدأ في حل هذه المشكلات المعقدة.
.
حقائق ثابتة
1) الإباحية ظاهرة منتشرة
*إنها في كل مكان: يتعرض الأطفال الصغار للإباحية الآن بمعدل مخيف، ٢٧% من كبار جيل الألفية (بين عمر ٢٥ و ٣٠ عاما) أفادوا بأن أول مشاهدتهم للإباحية كانت قبل سن البلوغ. يبحث ٦٤% من الناس( بين عمر ١٣ -٢٤ عاما) بنشاط عن المواد الإباحية أسبوعياً أو بتواتر أكثر من ذلك.
*كلا مستخدميها نساء ورجال: على الرغم من أن مشاهدي الإباحية عادة ما يكونوا من الرجال، فإن عدد النساء اللاتي يشاهدن للإباحية في ازدياد. الفتيات المراهقات و كذلك الشابات أكثر عرضة بدرجة كبيرة للبحث بنشاط عن المحتويات الإباحية من أولئك اللاتي تتجاوز أعمارهن ٢٥ عاماً.
*لا يمكن السيطرة عليها على المستوى الفردي: التصوير المنتشر للإباحية العنيفة والغير عنيفة في الثقافة العامة، وسهولة الوصول إليها عبر البث المباشر بإستخدام الهواتف، يترتب عليه حدوث مشكلات و مخاطر جسيمة تفوق قدرة الأفراد و الأسر على حلها و تدبر أمورهم بأنفسهم.
*صناعة الإباحية كصناعة التبغ تشكل أزمة صحية عامة. على الرغم من الاستخدام السابق واسع النطاق للتبغ و قبوله في الثقافة الأمريكية، إلا أنه بمجرد وضوح أضراره، اتخد المجتمع إجراءات واعتماد سياسات جديدة وهائلة للحد من الآثار الضارة الناجمة عن التدخين. و بطريقة مماثلة، نحن نعتقد أن الناس في حاجة إلى الحماية من التعرض للإباحية، ويكونوا على علم بالمخاطر المرتبطة باستخدامها. علاوة على ذلك، ينبغي ألا يتم تأييد الإباحية مجتمعياً، أو اعتبارها أمراً عادياً، أو تقديمها كشيء رائع.
.
تأثيرها على العنف الجنسي
تُعلّم الإباحية أن النساء يستمتعن بالعنف الجنسي: وضّحت دراسة تحليلية لأكثر ٥٠ فديو إباحي رائج ( تلك التي تُباع و تُستأجر في أغلب الأحيان) أن ٨٨% من المشاهد تحتوي على عنف جسدي، و ٤٩% تحتوي على شتائم واعتداءات لفظية. ٨٧% من الأفعال العدوانية اُرتكبت ضد المرأة، و ٩٥% من ردود أفعالهن كانت إما طبيعية أو معبرة عن الإستمتاع.
الإباحية مرتبطة بالعنف الجنسي المتزايد:بيّن تحليل تجميعي ل ٢٢ دراسة أُجريت عام ٢٠١٥ في سبع دول أن الاستهلاك العالمي للإباحية مرتبط بشكل كبير بازدياد الاعتداءات الجسدية و اللفظية، بين الرجال والنساء على حدٍ سواء.
الإباحية مرتبطة بالاستغلال الجنسي المتزايد للنساء: وضّحت داسة أُجريت على فتيات( بين عمر ١٤ و ١٩ عام) أن النساء اللاتي يشاهدن الإباحية كانوا أكثر احتمالية بدرجة كبيرة أن تتعرضن للإيذاء الجنسي أو الإعتداء الجنسي.
.
تأثيرها على العقل
الأبحاث مازلت مستمرة: منذ عام ٢٠٠٩، وضحت ٣٠ دراسة رئيسية أن للإباحية آثار مدمرة وسلبية على المخ.
استخدام الإباحية يقلص المخ: بينت دراسة أُجريت عام ٢٠١٤ أن الإستخدام المتزايد للإباحية يرتبط بالأنسجة الدماغية المنخفضة في مناطق التحفيز واتخاذ القرارات، كما أنه يعيق من السيطرة على الانفعالات و الحساسية للمكافأة الجنسية.
الإباحية تشبه الكوكايين:تفعل الإباحية كما الكوكايين، كلاهما يسيطران على نظام المكافأة للدماغ.
الإدمان يزداد سوءاً: تُبين دراسة أُجريت في جامعة كامبردج عام ٢٠١٥ أن إستخدام الإباحية يؤدي إلى البحث عن التجديد، لذلك يحتاج مستخدمي الإباحية إلى المزيد و المزيد من المحتويات العنيفة بمرور الوقت لتحقيق نفس مستوى الإثارة.
.
تأثيرها على الأمراض المنقولة جنسياً
يرتبط إستخدام الرجال البالغين للإباحية في أمريكا والعالم بالانخراط المتزايد في السلوكيات الجنسية التي تزيد من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً. طبقاً لدراسات متعددة، يرتبط استخدام الإباحية عبر الإنترنت ارتباطاً إيجابياً بممارسة الجنس مع شركاء متعددين، و التورط في شراء الجنس، و ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج.
زيادة الإصابة بالأمراض المنقولة جنسياً بين أقلية من المراهقات: يرتبط تعرُّض الإناث( بين عمر ١٤، ١٨ عاماً)للأفلام الإباحية بأن يكون لديهن مواقف سلبية تجاه استخدام الواقي الذكري أكثر من غيرهن، بأن يكون لديهن شركاء جنسيين متعددين، بممارستهن الجنس بمعدل أكبر، ويرتبط أيضا بإصابتهن بالكلاميديا.
.
تأثيرها على الإناث
تكوين صورة سلبية للجسد، والضغط لممارسة الأفعال الإباحية: أفادت النساء أنه نتيجة لمشاهدة الإباحية تكونت لديهن صورة سيئة عن أجسادهن، واجهوا نقد شركائهن بشأن أجسادهن، أصبح لديهن رغبة مُلحّة لممارسة الأفعال التي يشاهدنها في الأفلام الإباحية، ممارسة الجنس الفعلي بمعدل أقل، بينما أصبح الرجال أكثر إنتقاداً لأجساد زوجاتهم و أقل إهتماماً بالجنس الفعلي.
زيادة معدل الإغتصاب الزوجي: أُتضِح أن الرجال الذين يشاهدوا الإباحية و يذهبوا إلى نوادي التعري يقومون بأفعال التحرش و الإعتداء الجنسي بمعدل أكبر من أولئك المعتدين الذين لا يشاهدون الإباحية و لا يذهبون إلى نوادي التعري.
تأثيرها على الذكور
تؤدي مشاهدة الإباحية إلى حدوث ضعف الانتصاب: تبين الدراسة التي أُجريت عام ٢٠١٥ على مستخدمي الإباحية أن ٢٠,٣ % منهم قالوا أن ” إحدى الدوافع وراء مشاهدة الإباحية هي الحفاظ على مستوى الإثارة مع زوجاتهم “. تبين الدراسة أيضاً أن مشاهدة الإباحية مُرتبط بزيادة الرغبة الجنسية، وعلى النقيض انخفاض إجمالي الإشباع الجنسي، وانخفاض معدل الانتصاب.
الشباب والاختلال الإنتصابي الناجم عن الإباحية: يواجه الشباب معدلات متزايدة من ضعف الإنتصاب الناتج عن مشاهدة الإباحية. في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، كان معدل الإصابة بضعف الإنتصاب الناتج عن الإباحية بين الرجال الأوروبيين حوالي ١٣%. في عام ٢٠١١، كان معدل إصابة الشباب الأوربيين( بين عمر ١٨_٤٠) بضعف الانتصاب ١٤_٢٨%. تتزامن الزيادة الهائلة في معدلات ضعف الإنتصاب بين الشباب مع الزيادة الكبيرة في إتاحة وانتشار الإباحية عبر الإنترنت.
صورة سلبية للجسد: بينت دراسة أُجريت عام ٢٠١٥ أن كثرة مشاهدة الرجال للإباحية يرتبط إيجابياً مع انعدام الثقة بمظهر الجسد فيما يتعلق بالقوة العضلية ودهون الجسم، و يرتبط كذلك بالقلق المتزايد في العلاقة العاطفية.
.
تأثيرها على العلاقات
الشعور بعدم الرضا مع الزوجات :توضح الدراسات أنه كلما شاهد الرجل الإباحية، كلما ازدادت احتمالية أن يستحضر قاصداً صوراً عن الإباحية أثناء ممارسة الجنس ليحافظ على مستوى الإثارة، و ليشعر بالاستمتاع المتزايد مع زوجته.
علاقات خارج نطاق الزواج: وضحت دراسة أن الأشخاص الذين يكونون علاقات خارج نطاق الزواج أكثر ميلاً بثلاث مرات لمشاهدة الإباحية من أولئك الذين لديهم علاقات أقل. أكدت أبحاث أخرى أن استخدام الإباحية مرتبط بمواقف أكثر إيجابية تجاه تلك العلاقات خارج إطار الزواج
.
ترجمة :هناء مصلح
مراجعة : محمود عبدالحفيظ