
اجتاح تطبيقُ ” البوكيمون جو ” العالمَ منذ إصداره من أسبوعين تقريبًا، وقد تجاوزَ عدد من قاموا بتحميل التَّطبيق عددَ مستخدمي ” تويتر ” في أمريكا خلال يومين فقط . الآباء مع أطفالهم منهمكون الآن في رحلة البحث عن وحوش البوكيمون في الشَّوارع ؛ يكوِّنون الفرق، يدرِّبون الوحوشَ استعدادًا لإشارة البَدء. أصدقائي الغير شغوفين بمثل هذه الألعاب يركضون الآنَ مع أطفالهم بحثًا عن البوكيمون.
باستثناء بعض الحوادث الفرديَّة مثل عثور إحداهن على جثَّةٍ بجوار النهر الَّذي يختبأ خلفه البوكيمون، أو تصادُف اختباء البوكيمون اللعين في إحدي الأماكن المهجورة الَّتي كلَّفت مجموعة من الشَّباب ممتلكاتهم .. فإن الأمرَ ليس سيئًا ويسيرُ على ما يرام على المدى القريب.
” مخاطرٌ بعيدةٌ تلوحُ في الأفق ”
إنَّ المزجَ بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي يبدو غير صحيًّا ؛ على سبيل القولِ، لاحظت تغيُّرًا في سلوكيَّات أطفالي بعد قضائهم فتراتٍ طويلة يشاهدون Youtube Kids : ” تطبيق يوتيوب للأطفال ” . إنَّه كأن البكسلات ” Pixels ” تبعدهم عن التَّواصل الحقيقي مع أقرانهم، وتجعل استجابتهم بطيئة وتقلل صبرهم في التَّعامل مع من حولهم.
ليس لدىَّ دليلٌ علميٌّ على أنه هناك ثمة ترابط بين الأمرين ، ولكن ذلك جعلني أتساءل إذا كان هناك عَلاقة ” سبب ونتيجة ” بين إدمان التُّكنولوچيا بشكل عام مثل ” بوكيمون ” وعَلاقته بالتأثير على القدرة على التَّفاعل في الوقع الحقيقي ( نتيجة الاندماج في الواقع الافتراضي ) من ناحية ، وبين إشاراتٍ علماء وباحثين إلى عَلاقة شبيهة لدى مدمني الإباحيَّة ؛ حيث يندمج المدمن في هذا العالم الإباحي إلي الدرجة الَّتي تكفيه مؤنة ممارسة الجنس الحقيقي مع ازدياد إفرازات ” السَّعادة ” من ممر ” المكافأة ” بالمخ .
ممر المكافأة : ممر مسئول عن إفراز هرمونات للسعادة ، ويكثر الإفراز مع مشاهدة الإباحيَّة ، الأمر الَّذي يحذو بالممر إلى توجيه الشَّاب إلى تكرار التَّجرِبة ؛ لأن هذا الأمرَ يسبب له انتشاءً ولذّةً .
( فك الارتباط )
يعتمد تطبيق ” بوكيمون ” على وسيلتين هامَّتين لإضفاء مزيدٍ من التَّشويق والواقعيَّة ، ومزيد من ربط المُستخدم بالتَّطبيق :
١- الواقع المُعدَّل : Augemented Reality
وهي تقنيَّةٌ كان يستخدمها مطوِّرو أجهزة ال GBS ، وقد توسَّع الأمرُ في تطبيق ” بوكيمون ” . الأمر ببساطة هو ” مزج ” العالم الافتراضي بالعالم الحقيقي فتصبح الصورة ” مختلطةً ” ؛ مثل مزج ” وحش البوكيمون ” – الَّذي تبحث عنه – مع بيئتك الَّتي تعيشُ فيها، فيصبح الأمرُ مختلطًا ، ويذوب العالمان الافتراضي مع الحقيقي معًا.
٢- الواقع الافتراضي : Virtual Reality
وهي تجرِبة حسيَّة افتراضيَّة تنقل المستخدمَ إلى موقفٍ يشعر أنه حقيقي ، عبر ارتدائه جهاز على عينيه يحجب عنه العالم الحقيقي. كلُنا بالطبع عشنا هذه التجرِبة ال 3D VR في السينمات، وجارٍ تطبيقُها الآن في مُحاضرات التَّاريخ والچيولوچيا ، وكمحاكاةٍ للحروب والمعارك لصالح تدريب الجنود. الأمرُ في الوسائل التَّرفيهيَّة غاية في المتعة والتشويق.
ولأن كلَّ مُنتجٍ يراد له النَّجاحُ لابد أن يخضعَ للتَّطويرِ المستمر ، وصل قِطار صناعة أفلام ال Porno إلى محطة الواقع الافتراضي ، الَّتي تُطبَّق في ” بوكيمون ” والسينمات ” .
بدأ أكبر موقعٍ إباحيٍّ على الإطلاق – والَّذي تحتوي مكتبته على أكثر من ٣ مليون مقطع ويحظى بأكثر من ٦٠ مليون زائرًا يوميًّا – في إطلاق أوَّل قناةِ خاصَّة لمشاهدة البورنو ثلاثي الأبعاد في مارس ٢٠١٦ . إنَّ مصنَّعي الإباحيَّات ثلاثيَّة الأبعاد لا يعلمون فقط ما يريده المشاهدون، بل ما يحتاجونه أيضًا. تقول إحدى العاملات في مجال تجهيز الإباحيَّات VR 3D إن إباحيَّة بهذه الجودة والتِّقنية قادرةٌ على خلق ” حوار حقيقي ، وترابط عاطفي ” لدى المشاهد.
إن استخدام هذا النَّوع من التُّكنولوچيا في هذا الموضوع الحسَّاس، والَّتي يسعون فيها لتوفير ” التقارب، والحوار الجنسي ، والواقعيَّة ” لاشك ستؤثِّر على مستقبل العَلاقات الجنسيَّة السَّويَّة بصورة سلبيَّة قد لا تتخيَّله عقولُنا.
مراجعة وتدقيق : أحمد سلطان محمد